
كان تنتظر قطار السعادة كل ليلة بلهفة وشوق كبيرين .. وما إن تشرق شمس الصباح حتى تهرول الي القطار القادم من بعيد لتكون اول من يستقبله وتبحث كالمجنونة عن كرسي فارغ لها ولكن بكل حسرة واسف تنزل تجرجر خيبتها حيث لا تجد مكان لها .. توالت القطارات وتوالى بزوغ الامل ثم افوله امام عينيها .. فزبلت .. واصفرت .. وتساقطت فرص سعادتها من بين يديها .. ولكن هذا الصباح اقسمت ان لن تفوت فرصتها وستتشبث بأول كرسي أمامها .
أتكون جريمتها سرقة فرصة للسعادة ؟؟ وهل السعادة جريمة نعاقب عليها ؟؟ أليس من حقها ان تسعد وتفرح ؟؟ أليس تعاستها وحرمانها جريمة أخري ؟؟ أهي الجاني أم المجني عليها ؟؟
تلك هي قصة امل فتاة فى الثلاثين من عمرها .. لم يطرق بابها الكثير من العرسان .. وهذا جعلها تتشبث بأي فرصة تأتيها حتى وإن كانت لا ترضيها .. فالبدائل المتاحة امامها ليست بالكثيرة .. ربما بل الاكيد ان هذا ضعف ايماني .. فالذي رزقها اليوم هو وحده من يملك رزق الغد .. ولكنها غالت فى الاخذ بالاسباب وعددت موارد رزقها فوجدتها محدودة فلا قريب ولا قريبة ولا صديق ولا صديقة اذن فالفرص محدودة وعليها التشبث بها لاخر قطرة ومع ذلك كان الطرف الاخر دوما هو من يتخلى عنها !! .. فهذا يتهمها بالتسلط وذاك يتهمها بانعدام الشخصية وفقدت هويتها مع استرضاء كل طارق يغمرها بتحليله اللامنطقي لشخصيتها والارجح انها مجرد اسباب واهية للانفصال عنها.
توالت الايام ومر ربيع عمرها حتى اتمت الثلاثين فازاداد يأسها وقنوطها .. الي ان اهداها القدر زميل العمل الجديد عصام .. شاب مكافح محترم له نصيب كبير من اسمه فأعجبت به وأعجب بها - وهو ما لم يحدث لها من قبل – و رات الطيور فى السماء تجتمع لتغرد لها ايذانا لوصولها الي الشط الذي طالما حلمت بالوصول اليه .. و توج فرحتها بجديته في التقدم لخطبتها الى ان لطمتها المفاجأة فهو في الثامنة والعشرين من عمره وكانت هذه هي العقبة الكبري امامها والتي الجمتها عن النطق .. الا انها استفاقت سريعا و قالت له انها فى الخامسة والعشرين .. فكرت كثيرا بعدها ان تقول له حقيقة عمرها لكنها خافت ان يرفضها فهي ثلاثينية اكبر منه بعامين .. او ان يتزوجها شفقة ويعيرها بقية عمرها .. فهدتها نفسها الي ان تستمر فى كذبتها وساعدها وجهها الطفولي في ذلك .. واخذت تحملق فى بطاقتها الشخصية فوجدت الامر يسير .. شرطة صغيرة باعلي الواحد لتحوله الي سته وتصبح من مواليد ستة وسبعين بدلا من واحد وسبعين ولتفر من سياج الثلاثين الي رحاب السعادة الزوجية وتنال كل احلامها وامانيها .
مرت ثمانية اعوام علي زواج امل من عصام , انجبت خلالهما سارة واياد .. لا احد يدري عن سرها الدفين في صدرها شيء .. وحياتها الزوجية آمنه ومستقرة .. الي ان ظهرت بطاقة الرقم القومي .. وهم الجميع بتغيير بطاقتهم القديمة الا ان امل تباطئت كثيرا في تجديدها .. الي ان اصر زوجها ان تذهب لتجديد البطاقة خوفا من تعرضها للمسائلة القانونية .. وهنا اظلمت الدنيا فى وجه امل ووقعت في حيرة .. اتخبر زوجها بالحقيقة .. التي ربما تدمر زيجتها وسعادتها .. ام تواصل الكذب والتزييف في شهادة ميلادها و ربما تقع في يد القانون وتسجن ويتشرد اطفالها ؟!!
وهنا اتساءل هل هي مجرمة.. كاذبة .. مزورة ام هي ضحية اجبرها المجتمع علي الكذب و التزوير ؟؟
ملحوظة : القصة واقعية حدثت بالفعل ومنقولة بمعالجة ادبية .